يقوم النظام القضائي الإيطالي على مبادئ الوضوح واليقين القانوني، وهي عناصر حاسمة خاصة عند التعامل مع قضايا معقدة مثل الاختصاص المكاني في الدعاوى الجنائية. يقدم قرار حديث صادر عن محكمة النقض، وهو الحكم رقم 11637 المؤرخ في 24 مارس 2025، توضيحًا هامًا بشأن الجرائم الضريبية، وخاصة تلك المتعلقة بإصدار فواتير أو مستندات أخرى لعمليات غير موجودة. هذا القرار، برئاسة الدكتور جي. إيه. وبمساعدة الدكتور إيه. سي. كمحرر، يتناول جانبًا حساسًا من القانون الجنائي الضريبي، ويقدم إرشادات قيمة لتطبيق المادة 18، الفقرة 3، من المرسوم التشريعي رقم 74 لعام 2000.
المرسوم التشريعي رقم 74 لعام 2000 هو التشريع الإيطالي الرئيسي الذي ينظم الجرائم المتعلقة بضرائب الدخل وضريبة القيمة المضافة. المادة 18، الفقرة 3، من هذا المرسوم، مخصصة بشكل خاص لتحديد الاختصاص المكاني في حالات جريمة إصدار فواتير أو مستندات أخرى لعمليات غير موجودة، وهي جريمة خبيثة بشكل خاص للخزانة العامة ولنزاهة السوق. يحدد هذا القانون معايير دقيقة لتحديد المحكمة المختصة بالنظر، وعادة ما تحدد مكان مقر الإدارة المالية التي تعرضت للضرر أو، في حالة عدم وجوده، مكان اكتشاف الجريمة.
المسألة التي غالبًا ما تُطرح في الممارسة العملية هي كيفية تطبيق هذا المعيار عندما لا تكون جريمة الفواتير المزورة حدثًا معزولًا، بل جزءًا من سياق أوسع من الجرائم المرتبطة. يمكن أن يؤدي الارتباط بين الجرائم، المنظم بموجب المادتين 12 وما يليها من قانون الإجراءات الجنائية، إلى تعقيدات في تحديد الاختصاص، مما قد يؤدي إلى إبطاء الإجراءات وخلق عدم يقين في التطبيق. وعلى وجه التحديد في هذه النقطة تقدم محكمة النقض في حكمها رقم 11637/2025 مساهمة أساسية.
تم استدعاء محكمة النقض لإصدار حكم بشأن ما إذا كان معيار الاختصاص المكاني الخاص، المنصوص عليه في المادة 18، الفقرة 3، من المرسوم التشريعي رقم 74 لعام 2000، يمكن تطبيقه أيضًا في حالة ارتباط جريمة إصدار فواتير أو مستندات أخرى لعمليات غير موجودة بجرائم أخرى، بعضها لا يندرج ضمن النص المحدد للمادة 8 من نفس المرسوم. الإجابة التي قدمتها المحكمة العليا واضحة وتهدف إلى ضمان الاتساق والتوحيد في تطبيق القواعد.
يؤكد الحكم أن معيار الاختصاص المكاني الخاص للفواتير المزورة لا يقتصر على الحالات التي تكون فيها الجريمة مستقلة، بل يمتد أيضًا إلى حالات الارتباط. هذا يعني أنه حتى لو كانت هناك جرائم أخرى مرتبطة، فيما يتعلق بجريمة الفواتير أو المستندات لعمليات غير موجودة، فيجب الرجوع إلى المادة 18، الفقرة 3، من المرسوم التشريعي رقم 74 لعام 2000. هذا النهج يتجنب التجزئة الإجرائية ويضمن محاكمة الجريمة الضريبية وفقًا لتشريعها المحدد.
لفهم نطاق هذا القرار بشكل أفضل، من المفيد النظر في الأنواع المختلفة من الجرائم الضريبية وترابطها. غالبًا ما يكون إصدار فواتير مزورة أداة لـ:
في هذه السيناريوهات المعقدة، يقدم حكم محكمة النقض توجيهًا واضحًا، مشيرًا إلى أنه لتحديد الاختصاص المتعلق بجريمة الفواتير المزورة، يجب إعطاء الأولوية للمعايير الخاصة المنصوص عليها في القانون الخاص، حتى لو كانت الجرائم الأخرى المرتبطة قد تجذب الاختصاص في محكمة مختلفة بحد ذاتها.
يجد معيار تحديد الاختصاص المكاني المنصوص عليه في المادة 18، الفقرة 3، من المرسوم التشريعي 10 مارس 2000، رقم 74، والمخصص بشكل خاص لجريمة إصدار فواتير أو مستندات أخرى لعمليات غير موجودة، تطبيقه أيضًا في حالة وجود جرائم متعددة مرتبطة، حيث يكون أحدها فقط مؤهلاً وفقًا للمادة 8 من المرسوم التشريعي رقم 74 لعام 2000، مع الأخذ في الاعتبار كل فعل إجرامي على حدة.
يلخص هذا الملخص مبدأ ذا أهمية أساسية للقانون الجنائي الضريبي. ببساطة، قضت المحكمة العليا بأنه عند تحديد القاضي المختص بجريمة فواتير مزورة، فإن المعيار الخاص المنصوص عليه في المادة 18، الفقرة 3، من المرسوم التشريعي رقم 74/2000 له الأسبقية ويطبق حتى لو كانت الجريمة "مرتبطة" أو "متصلة" بجرائم أخرى. العنصر الأساسي هو أن تقييم الاختصاص يجب أن يتم "مع الأخذ في الاعتبار كل فعل إجرامي على حدة". هذا يعني أنه حتى لو كان التحقيق يشمل جرائم متعددة (على سبيل المثال، فواتير مزورة وغسيل أموال)، فإن الجزء المتعلق بالفواتير المزورة سيتم النظر فيه من قبل المحكمة المختصة وفقًا للمادة 18، الفقرة 3، من المرسوم التشريعي رقم 74/2000. يضمن هذا التفسير أن التشريع الخاص بالجرائم الضريبية يحافظ على خصوصيته وفعاليته، مما يمنع وجود جرائم أخرى من تحويل تطبيق معيار الاختصاص المصمم لمكافحة التهرب الضريبي بشكل مستهدف من خلال استخدام مستندات مزورة. إنه مبدأ يعزز التخصص والاتساق في النظام القضائي في المسائل الضريبية.
يمثل الحكم رقم 11637/2025 الصادر عن محكمة النقض نقطة مرجعية أساسية لتفسير وتطبيق القواعد المتعلقة بالاختصاص المكاني في الجرائم الضريبية. من خلال تأكيد أسبقية المعيار الخاص المنصوص عليه في المادة 18، الفقرة 3، من المرسوم التشريعي رقم 74 لعام 2000 حتى في وجود جرائم مرتبطة، قدمت المحكمة العليا إجابة واضحة على سؤال ذي أهمية عملية كبيرة. يساهم هذا القرار في تعزيز اليقين القانوني، وتبسيط إدارة الدعاوى الجنائية المعقدة، وضمان ملاحقة جرائم الاحتيال الضريبي بأقصى فعالية، وفقًا للأحكام المحددة للقانون. بالنسبة للعاملين في مجال القانون والدافعين للضرائب، يعد هذا الحكم بمثابة تعزيز لفهم جانب حاسم من القانون الجنائي الضريبي، مما يضمن مزيدًا من القدرة على التنبؤ والاتساق في الإجراءات القضائية.