يتناول القانون الجنائي سيناريوهات معقدة، حيث يمكن أن يؤدي الإكراه إلى عواقب مأساوية. يوضح الحكم رقم 17805 الصادر في 19/03/2025 عن محكمة النقض العلاقة السببية والعنصر الذاتي للجريمة في حالة انتحار ضحية الابتزاز. إنه حكم حاسم للمسؤولية الجنائية في سياقات الضغط الشديد.
تناولت قضية س. م. سلوكيات ابتزاز يُفترض أنها دفعت الضحية إلى الانتحار. كان على محكمة النقض، برئاسة الدكتورة ج. ف. وبمشاركة المستشار م. م. أ.، تحديد ما إذا كان الانتحار نتيجة مباشرة للابتزاز أم اختيارًا حرًا يقطع العلاقة السببية، مع الموازنة بين الإرادة الفردية وتأثير الإكراه.
فيما يتعلق بالوفاة كنتيجة لجريمة أخرى، توجد علاقة سببية بين سلوكيات الابتزاز وانتحار الضحية في حالة لم يكن فيها الانتحار تعبيرًا عن الاختيار الحر للشخص، بل اعتُبر البديل الوحيد الممكن في مواجهة استحالة التخلص من سلوكيات المتهمين المفترسة. (في حيثيات الحكم، أكدت المحكمة أنه لتحديد العنصر الذاتي لهذه الجريمة، من الضروري الرجوع إلى السلوك الذي كان يمكن توقعه بشكل معقول من شخص متوسط وعقلاني، وُضع في نفس الموقف الذي وجد فيه الفاعل الحقيقي، وبالتالي يجب إثبات الخطأ بشكل ملموس، بناءً على الظروف الواقعية التي كان يعرفها أو كان يمكن أن يعرفها الشخص الذي ارتكب الجريمة الأساسية، والتي أظهرت خطرًا ملموسًا لوقوع حدث مميت).
هذا الحكم أساسي: العلاقة السببية بين الابتزاز والانتحار لا تنقطع إذا كان الفعل المتطرف ليس "اختيارًا حرًا"، بل هو السبيل الوحيد للخروج الذي أدركته الضحية. تعترف السوابق القضائية بأن الضغط النفسي الشديد يمكن أن يضعف الإرادة الذاتية، مما يجعل الفعل النهائي نتيجة مباشرة للسلوك غير القانوني.
يحلل الحكم خطأ الفاعل. لتحديده، تطلب المحكمة تقييمًا "ملموسًا"، بناءً على ما كان يمكن لشخص "متوسط وعقلاني" توقعه. لا يُطلب القصد الجنائي، بل إمكانية توقع الانتحار. يجب على القضاة النظر في:
هذا النهج يحمّل المسؤولية لمن يخلق، بسلوكه غير القانوني، وضعًا من اليأس يجعل الفعل المتطرف للضحية معقولًا.
الحكم رقم 17805/2025 سابقة قضائية مهمة. يعزز حماية ضحايا الابتزاز، معترفًا بأن الإكراه يمكن أن يلغي حرية الاختيار، مما يجعل الفاعل مسؤولًا حتى عن الانتحار. يؤكد على ضرورة تقييم ضعف الضحايا والتأثير المدمر للجرائم على النفس.